فاتشيه لـ”أحوال”: عرفتُ طعم النجاح مع “الحكمة” وأفتخر بتحقيق كل أحلامي الكروية
اللاعب "فاتشيه سركيسيان": كرة القدم أكسبتني محبة جماهير الأندية على حد سواء
بدأ “فاتشيه سركيسيان”، المولود عام 1956، مسيرته الكروية مع فريق “أنترانيك” قبل أن يعرف التألّق الحقيقي مع “الحكمة”، ويختتم مشواره الوردي مع فريق “الهومنتمن”.
يُعتبر سركيسيان من أبرز لاعبي خط الوسط المهاجم الذين مرّوا في الملاعب اللبنانية في حقبة الثمانينات، إذ يمتاز برؤية شاملة في الملعب وتمريرات دقيقة وتسديدات بعيدة، إضافة إلى دماثة أخلاقه وعطائه اللامحدود داخل المستطيل الأخضر حتى آخر نقطة عرق، مما جعل منه نجمًا مميزًا ومحبوبًا من جماهير كل الأندية على حد سواء.
بداية المشوار
يروي سركيسيان، الملقب بـ”ملك النص”، في حديث لـ”أحوال” رحلته مع المستديرة الصغيرة في ملاعب العافية، فيقول: “بدايتي كانت مع أشبال أنترانيك “درجة ثانية” عام 1969، وكنتُ ألعب يومها في مركز الهجوم؛ وفي العام التالي، ترقيتُ إلى الفريق الأول بعدما أُعجب الجهاز الفني بفنياتي، وقرّر ضمّي إلى البعثة التي لعبت في قبرص 3 مباريات ودّية، وبالفعل برزتُ ولم أخيّب ظنّهم خلال هذه الرحلة”.
ويتابع اللاعب: “في عام 1973، تعرضتُ إلى إصابة أمام “الصفاء”، أبعدتني قرابة موسم كامل؛ وبعد اندلاع الحرب الأهلية، سافرتُ إلى سوريا عام 1976 ولعبتُ موسمين مع فريق “العروبة”، وعدتُ بعدها إلى صفوف “أنترانيك” لأكمل المشوار”، مضيفًا: “أما عام 1981، فقد خضنا مباراة ودّية أمام “الحكمة”، حيث عرض مدرّبه ولاعبه آنذاك إميل رستم من إدارة أنترانيك، أن أنضم إلى فريقه، وبالفعل تمّت الصفقة ومعها بدأت مسيرة الشهرة والتألّق، وثبّتني رستم يومها في مركز خط الوسط”.
خاض سركيسيان مع “الحكمة” تجربة فريدة امتدّت حتى عام 1989، ومباريات محلّية وخارجية “تبقى في البال”، بحسب تعبيره، وأبرزها أمام الرياضة والأدب في نهائي الكأس، فور انضمامه إلى تشكيلة “الأخضر” عام 1982 حين سجّل هدف الفوز بتسديدة صاروخية من نحو 30 مترًا في منتصف الشوط الثاني، وكان مقررًا يومها أن يلعب الحكمة بطل “الشرقية” مع الأنصار بطل “الغربية”، ولكن الأحداث المتفجّرة حالت دون ذلك.
ويشير فاتشيه في حديثه لموقعنا إلى أن المباريات التي كانت أمام الهومنتمن والهومنمن والراسينغ، هي الأكثر سخونة وندية، وخصوصًا أمام الاخير، حيث كانت الجماهير تستنفر على بعضها قبل شهر من اللقاء المنتظر بين الغريمين، “ولا زلتُ أذكرُ هدف التعادل أمام الراسينغ 2-2، والذي سجّلته برأسي في الدقيقة الأخيرة، متابعًا تسديدة “جان حداد” من ضربة حرة التي ارتدت من العارضة”، مضيفًا: “ويومها انهال فوقي جميع اللاعبين ليباركوا لي، وسط زخّات الرصاص التي انطلقت من الملعب ومحيطه ابتهاجًا، وبعدها فزنا بضربات الترجيح”.
ومن أبرز مشاركاتي، يقول سركيسيان، “كانت رحلة طويلة إلى فرنسا عام 1982، خضنا خلالها عدة مباريات ودية، إضافة إلى المباريات التي لعبناها في برج حمود أمام عدد من الفرق الرومانية والبلغارية والصينية، كما استعان بي الراسينغ في إحدى مبارياته الخارجية”.
المنتخب والهومنتمن
بسبب تألّقه في صفوف الحكمة، إنضمّ فاتشيه إلى المنتخب الوطني وشارك معه في تصفيات كأس العالم 1986 التي أقيمت في الكويت. وفي هذا السياق، يقول في حديثه لـ”أحوال”: “لعبنا يومها أمام العراق وقطر، وسبق هذه المباريات معسكر خارجي في بلغاريا”، ويلفت إلى أنه راضٍ عن تلك التجربة الوطنية، رغم أن الحرب الأهلية حدّت من طموح المنتخب خصوصًا أن تلك الحقبة كانت تضم كبار النجوم وكان كل فريق محلي بمثابة منتخب، موضحًا: “فالنجمة مثلًا يضم حسن عبود وحسن شاتيلا وجمال الخطيب ومحمد حاطوم إلخ، وكذلك الراسينغ الذي يضم طوني جريج وفرنو بيطار وأوبيك وإيلي حبيب وصالح كركي وسواهم، لذا فمستوى البطولات سابقًا كان أفضل مما هو عليه في الوقت الحالي، ولا مجال للمقارنة”، بحسب قول سركيسيان.
الجدير ذكره أن فاتشيه كان يتمنّى أن يدافع يومًا ما عن ألوان منتخب أرمينيا الذي يلعب تصفياته في القارة الأوروبية، ولكن الفارق في المستوى بين أرمينيا ولبنان يقف دون ذلك.
وفي عام 1989، إنتقل فاتشيه إلى صفوف فريق الهومنتمن ولعب معه حتى تاريخ اعتزاله عام 1996، أي أنه بقي في الملاعب حتى سن الأربعين. وفي هذا الخصوص، يؤكد لموقعنا أنه كان يستمتع باللعب أمام جمهور الفريق “البرتقالي” الذي يعتبر “فاكهة” الملاعب اللبنانية، لأنه يعشق اللعبة ويتنفس كرة القدم على غرار جماهير النوادي الأوروبية الكبيرة.
أما عن أبرز المدربين الذين تأثّر بهم فاتشيه على مدار رحلته الطويلة، فيعدّدهم قائلًا: “تأثرتُ بداية بزميلي في الملعب ومدرّبي في الحكمة، إميل رستم، ومن بعده بـ”مايك طوروسيان” و”ستيبان أوبنايان”، والبلغاري “تيودور” الذي أشرف على منتخب لبنان، بالإضافة إلى لاعبي ارارات يريفان السابقين “خورين هوفانيسيان” و”اوهانيس زانازنيان”، اللذين أشرفا على الهومنتمن مطلع التسعينات”.
أين هو اليوم؟
حاليًا، يشغل سركيسيان مركز المدير الفني في أكاديمية “يوفنتوس” في لبنان، ويشرف على تدريب فريق الجامعة الأميركية لكرة القدم، بعدما سبق له أن درب كل من فرق “أنترانيك” و”الهومنمن” و”الهومنتمن” و”الراسينغ” و”الإخاء الأهلي عالية”، وهو يعتبر أن كل أحلامه تحقّقت وأولها حين لعب للحكمة وأحرز معه لقبين غاليين، ومن ثم دافع عن ألوان منتخب لبنان، وآخرها الحصول على الشهادات التدريبية بفئاتها الثلاث بفضل مثابرته وإصراره على الوصول إلى أبعد ما يمكن في عالم النجاح.
من جهة أخرى، يأمل فاتشيه من الإتحاد اللبناني لكرة القدم أن يدعم طريق الإحتراف في الأندية حتى يتمكّن اللاعب بأن يؤمّن مستقبله، لأن الهواية “لا تطعم خبزًا”، بحسب تعبيره، ولولا امتلاكه معملًا خاصًا يؤمّن له مصادر الدخل، لربما كانت حاله حال العديد من النجوم المنسيين؛ “فالجميع يصفّق للاعب حين يكون في أرض الملعب، أما حين يخرج من دائرة الأضواء فلا يتذكره أحد”.
هذا وتمنى سركيسيان، في ختام حديثه لـ”أحوال”، عودة الحياة إلى طبيعتها والتخلّص من وباء كورونا، حتى تعود عجلة اللعبة إلى الدوران مجددًا في الملاعب.
سامر الحلبي